كتاب: سير أعلام النبلاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء



لطف الله بإهلاك ملك الألمان وإلا لكان يقال: إن الشام ومصر كانتا للمسلمين.
قلت: كانت عساكر العدو فوق المائتي ألف ولكن هلكوا جوعا ووباء وهلكت دوابهم وجافت الأرض بهم وكانوا قد ساروا فمروا على جهة القسطنطينية ثم على ممالك الروم تقتل وتسبي والتقاه سلطان الروم فكسره ملك الألمان وهجم قونية فاستباحها ثم هادنه ابن قلج رسلان ومروا على بلاد سيس ووقع فيهم الفناء فمات الملك وقام ابنه.
قلت: قتل من العدو في بعض المصافات الكبيرة التي جرت في حصار عكا في يوم اثنا عشر ألفا وخمس مائة والتقوا مرة أخرى فقتل منهم ستة آلاف وعمروا على عكا برجين من أخشاب عاتية البرج سبع طبقات فيها مسامير كبار يكون المسمار نصف قنطار وصفحوا البرج بالحديد فبقي منظرا مهولا ودفعوا البرج ببكر تحته حتى ألصقوه بسور عكا وبقي أعلى منها بكثير فسلط عليه أهل عكا المجانيق حتى خلخلوه ثم رموه بقدرة نفط فاشتعل (1) مع أنه كان عليه لبود منقوعة بالخل تمنع عمل النفط فأوقد وجعل الملاعين يرمون نفوسهم منه وكان يوما مشهودا ثم عملوا كبشا عظيما رأسه قناطير مقنطرة من حديد؛ ليدفعوه على السور فيخرقه فلما دحرجوه وقارب السور ساخ في الرمل لعظمه وهد الكلاب بدنة وبرجا فسد المسلمون ذلك وأحكموه في ليلة وكان السلطان يكون أول راكب وآخر نازل في هذين
__________
(1) لم يكن هذا في أول الامر لان النفاطين عجزوا عن إحراقه ثم هيأ الله سبحانه أحد الكيماويين فابتدع نوعا من العقاقير تقوي عمل النار فاستخدمت ونجحت نجاحا باهرا وفرح بها المسلمون ولم يقبل هذا العالم الفاضل مكافأة من السلطان وقال: إنما عملته لله تعالى ولا أريد الجزاء إلا منه (انظر التفاصيل في كامل ابن الأثير: 12 / 45- 47 والفتح القسي: 370- 373).